فصل: (فَرْعٌ): (الإحْرَامُ قبل المِيقَاتِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَرْعٌ): [هل يَصِحُّ حَجُّ الْمَغصوبٍ والْأَجِيرِ]:

(يَصِحُّ حَجُّ مَغصوبٍ وَأَجِيرِ خِدْمَةٍ) بِأُجْرَةٍ وَدُونِهَا، (وَتَاجِرٍ)، وَلَا إثْمَ نَصًّا قَالَ فِي الْفُصُولِ والْمُنْتَخَبِ: (وَالثَّوَابُ بِحَسَبِ الْإِخْلَاصِ).
قَالَ أَحْمَدُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَك تِجَارَةٌ كَانَ أَخْلَصَ. (وَمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ) فَعَلَى كُلِّ خَيْرٍ مَانِعٌ. وَلْيَجْتَهِدْ (فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ) بِرَدِّهَا إلَى أَرْبَابِهَا، وَكَذَلِكَ الْوَدَائِعُ وَالْعَوَارِيّ وَالدُّيُونُ، وَيَسْتَحِلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ ظُلَامَةٌ، وَيَسْتَمْهِلُ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَتِهِ، (وَ) يَجْتَهِدُ فِي (تَحْصِيلِ رَفِيقٍ حَسَنِ) الْخُلُقِ وَالسَّمْتِ يَكُونُ عَوْنًا لَهُ عَلَى نَصَبِهِ وَأَدَاءِ نُسُكِهِ، يَهْدِيهِ إذَا ضَلَّ وَيُذَكِّرُهُ إذَا نَسِيَ، (سِيَّمَا) إنْ تَيَسَّرَ رَفِيقٌ (عَالِمٌ)، فَلَا يَرْغَبُ عَنْهُ، فَإِنَّ بُلُوغَ رُشْدِهِ فِي اسْتِمْسَاكِهِ بِهِ.
قَالَ الْإِمَام أَحْمَدُ: (كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ يُبَادِرُ بِهِ)، وَمِنْهُ صُحْبَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ. (وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ) بَعْدَهُمَا (بِدُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ) قَبْلَ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ، وَيَسْتَخِيرُ: هَلْ يَحُجُّ الْعَامَ أَوْ غَيْرَهُ؟ إنْ كَانَ الْحَجُّ نَفْلًا، وَأَمَّا الْفَرْضُ فَوَاجِبٌ فَوْرًا، (وَيُصَلِّي بِمَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَيَقُولُ) بَعْدَهُمَا: (اللَّهُمَّ هَذَا دِينِي وَأَهْلِي وَمَالِي وَوَلَدِي وَدِيعَةً عِنْدَك، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ)، قَالَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ.
(وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (يَدْعُو قَبْلَ السَّلَامِ أَفْضَلُ، وَيَخْرُجُ مُبَكِّرًا يَوْمَ خَمِيسٍ)، قَالَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ: (أَوْ) يَوْمَ (اثْنَيْنِ، وَيَقُولُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا) مَا وَرَدَ وَمِنْهُ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» (أَوْ دَخَلَ بَلَدًا مَا وَرَدَ) وَمِنْهُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، أَسْأَلُك خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا». وَيَقُولُ أَيْضًا إذَا رَكِبَ وَنَحْوُهُ مَا وَرَدَ.

.بَابُ (الْمَوَاقِيتُ):

جَمْعُ: مِيقَاتٍ، وَهُوَ لُغَةً: الْحَدُّ، وَاصْطِلَاحًا: (مَوَاضِيعُ وَأَزْمِنَةٌ) (مُعَيَّنَةٌ لِعِبَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ) مِنْ حَجٍّ وَغَيْرِهِ. وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. (فَمِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: ذُو الْحُلَيْفَةِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ، بُعْدُهُ (عَنْ الْمَدِينَةِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ، وَعَنْ مَكَّةَ: عَشْرُ مَرَاحِلَ) وَتُعْرَفُ الْآنَ بِأَبْيَارِ عَلِيٍّ، (وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْمَغْرِبِ: الْجُحْفَةُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: (قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ) عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ خَرِبَةٌ (بِقُرْبِ رَابِغٍ، وَالْجُحْفَةُ دُونَهَا بِيَسِيرٍ عَنْ مَكَّةَ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ)، وَهِيَ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ لِمَكَّةَ، تُعْرَفُ الْآنَ بِالْمَقَابِرِ، كَانَ اسْمُهَا مَهْيَعَةَ، فَجَحَفَ السَّيْلُ بِأَهْلِهَا فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ، وَتَلِي ذَا الْحُلَيْفَةِ فِي الْبُعْدِ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلَاثُ مَرَاحِلَ أَوْ أَرْبَعُ، وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ رَابِغٍ فَقَدْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِيَسِيرٍ. (وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ) مِنْ الْمَوَاقِيتِ (بَيْنَ كُلٍّ مِنْهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ)، فَهِيَ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَقَارِبَةٌ.
(وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (الْيَمَنِ)- وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى يَمِينِ الْكَعْبَةِ مِنْ بِلَادِ الْغَوْرِ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ: يَمَنِيٌّ، عَلَى الْقِيَاسِ، وَيَمَانِيٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ-: (يَلَمْلَمُ، وَيُقَالُ: أَلَمْلَمُ)، لُغَةٌ فِيهِ: (جَبَلٌ) مَعْرُوفٌ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ ثَلَاثُونَ مِيلًا.
(وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (نَجْدٍ الْحِجَازُ، وَ) أَهْلِ (نَجْدٍ الْيَمَنِ وَ) أَهْلِ (الطَّائِفِ: قَرْنًا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ لَهُ: قَرْنُ الْمَنَازِلِ، وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ: (جَبَلٌ أَيْضًا) عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ مَكَّةَ.
(وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (الْمَشْرِقِ وَخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ: ذَاتُ عِرْقٍ): مَنْزِلٌ مَعْرُوفٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعِرْقٍ فِيهِ، أَيْ: جَبَلٍ صَغِيرٍ، أَوْ: أَرْضٍ سَبْخَةٍ تُنْبِتُ الطَّرْفَاءَ وَهُوَ (قَرْيَةٌ خَرِبَةٌ قَدِيمَةٌ، وَعِرْقٌ: جَبَلٌ مُشْرِفٌ عَلَى الْعَقِيقِ).
(وَ) هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ (كُلُّهَا ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ لَا بِاجْتِهَادِ عُمَرَ) بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَعَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَهِيَ)، أَيْ: هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ، (لِأَهْلِهَا) الْمَذْكُورِينَ (وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا) مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا (كَشَامِيٍّ) وَمِصْرِيٍّ (مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ) فَيَحْرُمُ مِنْهَا، لِأَنَّهَا صَارَتْ مِيقَاتَهُ (وَمَدَنِيٍّ سَلَكَ طَرِيقَ الْجُحْفَةِ، فَيُحْرِمُ مِنْهَا) وُجُوبًا لِلْحَدِيثِ، (وَالْأَفْضَلُ) لِلْمَارِّ (إحْرَامٌ مِنْ أَوَّلِ مِيقَاتٍ، وَ) هُوَ (طَرَفُهُ الْأَبْعَدُ عَنْ مَكَّةَ) احْتِيَاطًا، وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ مِنْ الطَّرَفِ الْأَقْرَبِ، جَازَ لِإِحْرَامِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ، (وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ بِالْبِقَاعِ) الَّتِي عَيَّنَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و(لَا) عِبْرَةَ فِي (مَا بُنِيَ بِقُرْبِهَا وَسُمِّيَ بِاسْمِهَا، فَيَنْبَغِي) لَمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (تَحَرِّي آثَارِ الْقُرَى الْقَدِيمَةِ)، لِيَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ، (وَمِنْ مَنْزِلِهِ دُونَهَا)، أَيْ: هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ، مِنْ مَكَّةَ، كَأَهْلِ عُسْفَانَ، (فَمِيقَاتُهُ مَنْزِلُهُ)، لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَقَدَّمَ (وَيَتَّجِهُ): أَنَّ (بَلَدَهُ كُلَّهَا مَنْزِلُهُ) فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَيِّ مَحَالِّهَا شَاءَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَمَنْ لَهُ مَنْزِلَانِ، جَازَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَقْرَبَ لِمَكَّةَ وَ) إحْرَامُهُ مِنْ (أَبْعَدَ) عَنْ مَكَّةَ (أَفْضَلُ)، لِأَنَّهَا أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ، (وَيُحْرِمُ مَنْ) كَانَ مُقِيمًا (بِمَكَّةَ لِحَجٍّ مِنْهَا)، أَيْ: مَكَّةَ، (وَنَصُّهُ) فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ (مِنْ الْمَسْجِدِ وَفِي الْمُبْهِجِ ) والْإِيضَاحِ تُحْرِمُ (مِنْ تَحْتِ الْمِيزَابِ). وَيُسَمَّى الْحَطِيمَ. (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ، (وَجَازَ وَصَحَّ) أَنْ يُحْرِمَ مَنْ بِمَكَّةَ بِحَجٍّ مِنْ سَائِرِ الْحَرَمِ (وَمِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ). وَهُوَ الْحِلُّ كَعَرَفَةَ، (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ)، لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِهِ (وَ) يُحْرِمُ مَنْ بِمَكَّةَ (لِعُمْرَةٍ مِنْ الْحِلِّ)، لِأَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُعْمِرَ عَائِشَةَ مِنْ التَّنْعِيمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ كُلِّهَا فِي الْحَرَمِ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الْحِلِّ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَهُمَا. بِخِلَافِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَى عَرَفَةَ فَيَحْصُلُ الْجَمْعَ، (وَيَصِحُّ) إحْرَامُهُ (مِنْ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ)، أَيْ: مَنْ أَحْرَمَ لِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ، (دَمٌ) لِتَرْكِهِ وَاجِبًا، كَمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتًا بِلَا إحْرَامٍ، (وَتُجْزِئُهُ) عُمْرَةٌ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ مَكَّةَ، (وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِلْحِلِّ) قَبْلَ إتْمَامِهَا وَلَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ. لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْحِلِّ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا وَكَالْحَجِّ، (وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ) أَوْ الْحَرَمِ (قَارِنًا فَلَا دَمَ) عَلَيْهِ. لِأَجَلِ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ، (تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ) عَلَى الْعُمْرَةِ، لِانْدِرَاجِهَا فِيهِ وَسُقُوطِ أَفْعَالِهَا. (وَمَنْ لَمْ يَمُرَّ بِمِيقَاتٍ) مِنْ الْمَذْكُورَاتِ، (أَحْرَمَ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وُجُوبًا (إذَا عَلِمَ أَنَّهُ حَاذَى أَقْرَبَهَا)، أَيْ: الْمَوَاقِيتَ (مِنْهُ). لِقَوْلِ عُمَرَ: «اُنْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ قَدِيدٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَسُنَّ) لَهُ (أَنْ يَحْتَاطَ) لِيَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَذْوَ الْمِيقَاتِ، أَحْرَمَ مِنْ بُعْدٍ، إذْ الْإِحْرَامُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ جَائِزٌ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ حَرَامٌ، (فَإِنْ اسْتَوَيَا)، أَيْ: الْمِيقَاتَانِ فِي الْقُرْبِ، (ف) يُحْرِمُ (مِنْ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، (فَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا) كَاَلَّذِي يَجِيءُ مِنْ سَوَاكِنَ إلَى جُدَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمُرَّ بِرَابِغَ وَلَا يَلَمْلَمُ، لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ أَمَامَهُ، فَيَصِلُ جُدَّةَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهِمَا، (أَحْرَمَ عَنْ مَكَّةَ ب) قَدْرِ (مَرْحَلَتَيْنِ) فَيُحْرِمُ فِي الْمِثَالِ مِنْ جُدَّةَ لِأَنَّهَا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ. لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْمَوَاقِيتِ.

.(فَصْلٌ): [تَجَاوُزُ مِيقَاتِ الإحْرَامِ]:

(وَلَا يَحِلُّ لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ أَرَادَ مَكَّةَ) نَصًّا، (أَوْ) أَرَادَ (الْحَرَمَ، أَوْ) أَرَادَ (نُسُكًا، تَجَاوُزُ مِيقَاتٍ بِلَا إحْرَامٍ)، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ تَجَاوَزَ مِيقَاتًا بِلَا إحْرَامٍ (إلَّا) إنْ تَجَاوَزَهُ (لِقِتَالٍ مُبَاحٍ) لِدُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا ذَلِكَ الْيَوْمَ، (أَوْ خَوْفٍ أَوْ حَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ) وَنَاقِلِ مِيرَةٍ وَحَشَّاشٍ، فَلَهُمْ الدُّخُولُ بِلَا إحْرَامٍ، لِمَا رَوَى حَرْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَدْخُلُ إنْسَانٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا إلَّا الْحَمَّالِينَ وَالْحَطَّابِينَ وَأَصْحَابِ مَنَافِعِهَا احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ. (وَمَكِّيٍّ يَتَرَدَّدُ لِقَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ) دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ وَالضَّرَرِ لِتَكَرُّرِهِ. (وَيَتَّجِهُ أَوْ) يَكُونُ لَهُ وَطَنٌ (خَارِجَ الْمِيقَاتِ) يَكْثُرُ التَّرَدُّدُ مِنْهُ إلَى مَكَّةَ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى الْمِيقَاتِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ، كَمَا لَا تُسَنُّ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ لِقَيِّمِهِ كُلَّمَا دَخَلَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (ثُمَّ إنْ زَالَ عُذْرُ مَنْ حَلَّ لَهُ التَّجَاوُزُ بِلَا إحْرَامٍ)، كَرَقِيقٍ عَتَقَ وَصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ كُلِّفَ، فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَكَذَا كَافِرٌ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ، ثُمَّ أَسْلَمَ، فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ، (أَوْ أَرَادَ) مَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ (مَكَّةَ بَعْدَ تَجَاوُزِهِ، فَمِنْ مَوْضِعِهِ) يُحْرِمُ، كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ)، لِأَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ حَالَ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ، (وَمَنْ أَحْرَمَ لِدُخُولِ مَكَّةَ) أَوْ الْحَرَمِ (لَا لِنُسُكٍ، طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ وَحَلَّ) مِنْ إحْرَامِهِ «وَأُبِيحَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ دُخُولُ مَكَّةَ مُحِلِّينَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَهِيَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» رَوَاه الْإِمَامُ أَحْمَدُ (لَا قَطْعَ شَجَرٍ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَامَ الْغَدَ مِنْ يَوْمٍ فَتْحِ مَكَّةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا: إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا كَحُرْمَتِهَا، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ» (وَمَنْ جَاوَزَهُ)، أَيْ: الْمِيقَاتَ، (يُرِيدُ نُسُكًا)، أَوْ كَانَ النُّسُكُ فَرْضَهُ، بِأَنْ لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ، وَلَوْ كَانَ (جَاهِلًا) أَوْ (نَاسِيًا) أَوْ مُكْرَهًا، (لَزِمَهُ أَنْ يَرْجِعَ) إلَى الْمِيقَاتِ، (فَيُحْرِمَ مِنْهُ)، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ، (إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ حَجٍّ أَوْ) يَخَفْ فَوْتَ (غَيْرِهِ)، كَخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ، فَإِنْ خَافَ، لَمْ يَلْزَمْهُ رُجُوعٌ، وَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ، (وَيَلْزَمُهُ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ دَمٌ)، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» وَلِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، (وَلَا يَسْقُطُ) عَنْهُ الدَّمُ (إنْ أَفْسَدَهُ)، أَيْ: النُّسُكَ نَصًّا لِأَنَّهُ كَالصَّحِيحِ، (أَوْ رَجَعَ لِمِيقَاتٍ) بَعْدَ إحْرَامِهِ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ نَصًّا. (وَيَتَّجِهُ: أَنْ لَا دَمَ) عَلَيْهِ لَوْ رَجَعَ لِمِيقَاتٍ (بِغَيْرِ إحْرَامٍ)، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

.(فَرْعٌ): [الإحْرَامُ قبل المِيقَاتِ]:

(كُرِهَ إحْرَامٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا (قَبْلَ مِيقَاتٍ) مَكَانِيٍّ، وَيَنْعَقِدُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ كَوِصَالِ الصَّوْمِ، وَلِعَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ الْمَحْظُورِ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ الْحَسَنِ: «أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرِهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: يَتَسَامَعُ النَّاسُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرِهِ وَقَالَ: إنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَحْرَمَ مِنْ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ لَامَهُ فِيمَا صَنَعَ وَكَرِهَهُ» وَلِحَدِيثِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا: «وَيَسْتَمْتِعُ أَحَدُكُمْ بِحِلِّهِ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ فِي إحْرَامِهِ». (وَكُرِهَ) إحْرَامٌ (بِحَجٍّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ) قَالَ فِي الشَّرْح: بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، (وَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُ الْحَجِّ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} وَكُلُّهَا مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ، فَكَذَا الْحَجُّ، وَكَالْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ، وَقَوْلُهُ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ} أَيْ: مُعْظَمُهُ فِيهَا كَحَدِيثِ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ». (وَهِيَ)، أَيْ: أَشْهُرُ الْحَجِّ: (شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ)، وَكَانَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا الْأَمَدُ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ الْحَاجُّ مِنْ أَقْصَى الْبِلَادِ، (وَيَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا، وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، أَيْ: فِي أَكْثَرِهِنَّ، وَإِنَّمَا فَاتَ الْحَجُّ بِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ لَا بِخُرُوجِ وَقْتِ الْحَجِّ، ثُمَّ الْجَمْعُ يَقَعُ عَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْضِ آخَرَ، وَالْعَرَبُ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً لَسَبْقِ اللَّيَالِي، فَتَقُولُ: سِرْنَا عَشْرًا. (وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ) الزَّمَانِيُّ (جَمِيعُ الْعَامِ)، لِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ لَهَا بِوَقْتٍ دُونَ آخَرَ، (وَيَأْتِي) لِذَلِكَ مَزِيدُ إيضَاحٍ. وَلَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ (بِهَا) يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَلَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَالطَّوَافِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.

.(بَابُ الْإِحْرَامِ):

قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: هُوَ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي التَّحْرِيمِ، كَأَنَّهُ يُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِهِ الطَّيِّبَ وَالنِّكَاحَ وَأَشْيَاءَ مِنْ اللِّبَاسِ، كَمَا يُقَالُ: أَشْتَى، إذَا دَخَلَ فِي الشِّتَاءِ، وَأَرْبَعَ، إذَا دَخَلَ فِي الرَّبِيعِ. وَشَرْعًا: (نِيَّةُ النُّسُكِ، أَيْ: الدُّخُولِ فِيهِ)، لَا نِيَّةَ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ، (فَلَا يَنْعَقِدُ)، أَيْ: النُّسُكُ، (بِدُونِهَا)، أَيْ: النِّيَّةِ، لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ». (وَسُمِّيَ) الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ (إحْرَامًا، لِتَحْرِيمِ) الْمُحْرِمِ بِإِحْرَامِهِ عَلَى نَفْسِهِ (مَا كَانَ يَحِلُّ) لَهُ مِنْ النِّكَاحِ وَالطِّيبِ وَأَشْيَاءَ مِنْ اللِّبَاسِ وَنَحْوِهَا. (وَسُنَّ لِمُرِيدِهِ)، أَيْ: الْإِحْرَامَ (غُسْلٌ) لِلْخَبَرِ، وَلَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ «لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَهِيَ نُفَسَاءُ أَنْ تَغْتَسِلَ» رَوَاه مُسْلِمٌ. «وَأَمَرَ أَنْ تَغْتَسِلَ لِإِهْلَالِ الْحَجِّ وَهِيَ حَائِضٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ رَجَتَا الطُّهْرَ قَبْلَ فَوَاتِ الْمِيقَاتِ أَخَّرَتَاهُ حَتَّى تَطْهُرَا، (أَوْ تَيَمُّمٌ لِعَدَمِ) مَاءٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ لِنَحْوِ مَرَضٍ، لِعُمُومِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (وَلَا يَضُرُّ حَدَثُهُ بَيْنَ غُسْلٍ وَإِحْرَامٍ) كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ. (وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ) كَانَ حَدَثُهُ (بِجِمَاعٍ) بَيْنَ غُسْلٍ وَإِحْرَامٍ، فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي إحْرَامِهِ، إذْ الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْإِحْرَامِ، (وَ) يَضُرُّ حَدَثُ الْمَرْأَةِ بِطُرُوءِ (حَيْضٍ) بَعْدَ اغْتِسَالِهَا لِلْإِحْرَامِ، كَالْوَاطِئِ وَأَوْلَى، إذْ طُرُوءُ الْحَيْضِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا، (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّ الطِّفْلَ يُغَسِّلُهُ وَلِيُّهُ) إذَا أَرَادَ إدْخَالَهُ فِي النُّسُكِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) سُنَّ لَهُ (تَنَظُّفٌ بِأَخْذِ شَعْرٍ) مِنْ حَلْقِ عَانَةٍ، وَقَصِّ شَارِبٍ وَنَتْفِ إبِطٍ، (وَ) تَقْلِيمِ (ظُفْرٍ وَقَطْعِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ)، لِقَوْلِ إبْرَاهِيمَ: «كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَلْبَسُونَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمْ» رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ، فَسُنَّ فِيهِ ذَلِكَ كَالْجُمُعَةِ، وَلِأَنَّ مُدَّتَهُ تَطُولُ (وَ) سُنَّ لَهُ (تَطَيُّبٌ بِنَحْوِ مِسْكٍ وَعُودٍ وَمَاءِ وَرْدٍ)، لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَتْ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) سُنَّ (خِضَابٌ لَهَا)، أَيْ: لِلْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَتْ الْإِحْرَامَ (بِحِنَّاءٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تُدَلِّكَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا فِي حِنَّاءٍ» وَلِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ أَشْبَهَ الطِّيبَ، (وَكُرِهَ) لَهَا أَنْ تَتَخَضَّبَ (بَعْدَهُ)، أَيْ: الْإِحْرَامِ، (كَتَطَيُّبِ) مَرِيدِ الْإِحْرَامِ (فِي ثَوْبِهِ قَبْلَهُ)، أَيْ: الْإِحْرَامِ، (وَلَهُ) إنْ طَيَّبَ ثَوْبَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (اسْتِدَامَتُهُ)، أَيْ: اسْتِدَامَةُ لِبْسِهِ، (مَا لَمْ يَنْزِعْهُ)، فَإِنْ نَزَعَهُ فَلَيْسَ لَهُ لِبْسُهُ وَالطِّيبُ فِيهِ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الطِّيبَ وَلِبْسُ الْمُطَيَّبِ دُونَ الِاسْتِدَامَةِ، (فَإِنْ لَبِسَهُ) بَعْدَ نَزْعِهِ، وَأَثَرُ الطِّيبِ بَاقٍ لَمْ يَغْسِلْهُ حَتَّى يَذْهَبَ، فَدَى، لِاسْتِعْمَالِهِ الطِّيبَ، (أَوْ نَقَلَ طِيبَ بَدَنِهِ) مِنْ مَوْضِعِهِ (لِمَوْضِعٍ آخَرَ، فَدَى)، أَوْ تَعَمَّدَ مَسَّهُ بِيَدِهِ، فَعَلِقَ الطِّيبُ بِهَا، أَوْ نَحَّاهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ، فَدَى، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءٌ لِلطِّيبِ (لَا إنْ سَالَ) الطِّيبُ (بِعَرَقٍ أَوْ شَمْسٍ)، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَكَّةَ، فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا، فَيَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْهَانَا» رَوَاه أَبُو دَاوُد (وَسُنَّ) لِمَرِيدِهِ (لِبْسُ إزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ نَظِيفِينَ) جَدِيدَيْنِ أَوْ خَلِيقَيْنِ (وَنَعْلَيْنِ)، لِحَدِيثِ: «وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَنَعْلَيْنِ» رَوَاه أَحْمَدُ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ ذَلِكَ. وَفِي تَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ إخْرَاجُ كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ مِنْ الرِّدَاءِ أَوْلَى، وَالنَّعْلَانِ التَّاسُومَةُ. وَلَا يَجُوزُ لَهُ لِبْسُ سرموزة وَنَحْوِهَا إنْ وَجَدَ النَّعْلَيْنِ، وَيَكُونُ لِبْسُهُ ذَلِكَ (بَعْدَ تَجَرُّدِ ذَكَرٍ عَنْ مَخِيطٍ) كَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَخُفٍّ «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ (وَ) يُسَنُّ (إحْرَامٌ عَقِبَ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا) نَصًّا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَهَلَّ فِي دُبُرِ صَلَاةٍ» رَوَاه النَّسَائِيّ. و(لَا) يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ النَّفْلِ (وَقْتَ نَهْيٍ)، لِتَحْرِيمِ النَّفْلِ إذَنْ، (وَلَا) يَرْكَعُهُمَا (عَادِمُ مَاءٍ وَتُرَابٍ)، لِحَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ إحْرَامِهِ، صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
(وَ) سُنَّ لَهُ (أَنْ يُعَيِّنَ نُسُكًا) فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ مِنْ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ قِرَانٍ، (وَيَلْفِظُ بِهِ)، أَيْ: بِمَا عَيَّنَهُ، لِلْأَخْبَارِ، (وَأَنْ يَشْتَرِطَ)، لِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ مُسْتَحَبٌّ، وَكَوْنُهُ بِالْقَوْلِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِحَدِيثِ «ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ حِينَ قَالَتْ لَهُ: إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَجِدُنِي وَجِعَةً، فَقَالَ: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقَوْلِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ النَّسَائِيّ: «فَإِنَّ لَك عَلَى رَبِّك مَا اسْتَثْنَيْت». (فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلَانِيَّ، فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي). وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَهُ فِي الصَّلَاةِ لِقِصَرِ مُدَّتِهَا (وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ، فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي)، أَوْ: فَلِي أَنْ أُحِلَّ، (وَكَيْف اشْتَرَطَ جَازَ)، فَلَوْ اشْتَرَطَ بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَى الِاشْتِرَاطِ، (كَقَوْلِهِ): اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلَانِيَّ (أَنْ تُيَسِّرَ لِي وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ)، جَازَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ (وَيَسْتَفِيدُ بِهِ)، أَيْ: بِاشْتِرَاطِهِ، (أَنَّهُ مَتَى حُبِسَ بِمَرَضٍ) أَوْ عَاقَهُ عَدُوٌّ (أَوْ غَيْرُهُ) كَذَهَابِ نَفَقَتِهِ (حَلَّ مَجَّانًا) نَصًّا.
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَيَلْزَمُهُ نَحْوُهُ، (وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِشَرْطٍ، أَوْ شَرَطَ أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ، أَوْ إنْ أَفْسَدَهُ لَمْ يَقْضِهِ، لَمْ يَصِحَّ) شَرْطُهُ، لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِيهِ، (وَشُرِطَ تَنْجِيزُ إحْرَامٍ، فَلَا يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ (مُعَلَّقًا، ك) قَوْلِهِ: (إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ، أَوْ قَدِمَ) زَيْدٌ، (فَأَنَا مُحْرِمٌ)، لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِذَلِكَ. (وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ عَلَّقَ) إحْرَامَهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ، كَقَوْلِهِ: أَنَا مُحْرِمٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ: بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ وَتَيْسِيرِهِ، فَحُكْمُهُ (كَصَوْمٍ) عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ إنْ قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ التَّبَرُّكَ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، (وَ) يَتَّجِهُ: (أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ) إحْرَامُهُ إنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي الْعَزْمِ وَالْقَصْدِ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ (مُتَلَاعِبًا)، لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُهُ (فَاسِدًا حَالَ جِمَاعٍ)، لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُهُ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِهِ إنْ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ (وَيَلْزَمُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) وَيَقْضِيهِ كَمَا يَأْتِي، (وَيَبْطُلُ) إحْرَامُهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ (بِرِدَّةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، و(لَا) يَبْطُلُ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ (بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَسُكْرٍ وَمَوْتٍ)، لِخَبَرِ الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، (وَلَا يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ (مَعَ وُجُودِ أَحَدِهَا)، أَيْ: الْإِغْمَاءِ أَوْ الْجُنُونِ أَوْ السُّكْرِ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ.

.(فَصْلٌ): [أنواع الإحرام]:

(وَيُخَيَّرُ مَرِيدُ إحْرَامٍ بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: (تَمَتُّعٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ) نَصًّا، قَالَ: لِأَنَّهُ آخِرُ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: كَانَ اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدُّخُولَ بِعُمْرَةٍ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ لَمَّا طَافُوا وَسَعَوْا أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إلَّا مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَثَبَتَ عَلَى إحْرَامِهِ، لَسَوْقِهِ الْهَدْيَ، وَتَأَسَّفَ بِقَوْلِهِ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْيَ، وَلَأَحْلَلْت مَعَكُمْ» وَلَا يَنْقُلُ أَصْحَابَهُ إلَّا إلَى الْأَفْضَلِ، وَلَا يَتَأَسَّفُ إلَّا عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ: أَمَرَهُمْ بِالْفَسْخِ، لَيْسَ لِفَضْلِ التَّمَتُّعِ، وَأَنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوهُ، ثُمَّ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ، لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الِاعْتِقَادِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَأَسَّفْ هُوَ، لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِيهِ سَوْقَ الْهَدْيِ، وَلِمَا فِي التَّمَتُّعِ مِنْ الْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ مَعَ كَمَالِ أَفْعَالِ النُّسُكَيْنِ. (فَإِفْرَادٌ)، لِأَنَّ فِيهِ كَمَالَ أَفْعَالِ النُّسُكَيْنِ. (فَقِرَانٌ)، وَاخْتُلِفَ فِي حَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا، وَالْمُتْعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ. (فَالتَّمَتُّعُ: أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ)، نَصَّ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ جَابِرٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، وَيَفْرُغُ مِنْهَا، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ (ثُمَّ) يُحْرِمُ (بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ فِي عَامِهِ (مِنْ أَيْنَ شَاءَ)، أَيْ: مَكَّةَ أَوْ قُرْبِهَا أَوْ بَعِيدٍ مِنْهَا، (بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، فَلَوْ كَانَ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ أَتَمَّ أَفْعَالَهَا فِي أَشْهُرِهِ، وَإِنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ صَارَ قَارِنًا. (وَالْإِفْرَادُ: أَنْ يُحْرِمَ) ابْتِدَاءً (بِحَجٍّ ثُمَّ) يُحْرِمَ (بِعُمْرَةٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ)، أَيْ: الْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ، اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ. (وَالْقِرَانُ: أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا) أَيْ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (مَعًا، أَوْ يُحْرِمَ بِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، ابْتِدَاءً (ثُمَّ يُدْخِلَهُ)، أَيْ: الْحَجَّ، (عَلَيْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، وَيَصِحُّ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَكُونُ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا (قَبْلَ شُرُوعٍ فِي طَوَافِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، كَمَا لَوْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ سَعْيِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا (وَيَصِحُّ) إدْخَالُ حَجٍّ عَلَى عُمْرَةٍ (مِمَّنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَلَوْ بَعْدَ سَعْيِهَا)، بَلْ يَلْزَمُهُ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، (وَيَصِيرُ قَارِنًا) عَلَى الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى هُنَا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْإِنْصَافِ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَصِيرُ قَارِنًا (وَلَوْ) كَانَ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ (بِغَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ)، لِصِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِهِ قَبْلَهَا، كَمَا تَقَدَّمَ. (وَتَنْدَرِجُ أَفْعَالُ عُمْرَةِ قَارِنٍ بِحَجٍّ)، فَيَكْفِيهِ طَوَافٌ وَسَعْيٌ لَهُمَا، قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِهِ: وَيَسْقُطُ تَرْتِيبُ الْعُمْرَةِ، وَيَصِيرُ التَّرْتِيبُ لِلْحَجِّ، كَمَا يَتَأَخَّرُ الْحِلَاقُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَوَطْؤُهُ قَبْلَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَا يُفْسِدُ عُمْرَتَهُ، أَيْ: إذَا وَطِئَ وَطْئًا لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ، مِثْلُ إنْ وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ دَخَلَهَا وَلَمْ يَطُفْ لِقُدُومِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ، وَإِذَا لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ لَمْ تَفْسُدْ عُمْرَتُهُ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ: وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَمَنْ أَحْرَمَ بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (ثُمَّ أَدْخَلَهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةَ (عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ بِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ أَثَرٌ وَلَمْ يُسْتَفَدْ بِهِ فَائِدَةٌ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَلَا يَصِيرُ قَارِنًا. (وَيَجِبُ عَلَى مُتَمَتِّعٍ دَمٌ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ}، (وَ) يَجِبُ عَلَى (قَارِنٍ دَمٌ)، لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ كَالْمُتَمَتِّعِ، وَهُوَ دَمُ (نُسُكٍ لَا) دَمُ (جُبْرَانٍ)، إذْ لَا نَقْصَ فِي التَّمَتُّعِ يُجْبَرُ بِهِ، (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَا)، أَيْ: الْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ (مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (وَهُمْ)، أَيْ: حَاضِرُوا الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: (أَهْلُ الْحَرَمِ، وَمَنْ هُوَ مِنْهُ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ)، لِأَنَّ حَاضِرَ الشَّيْءِ مَنْ حَلَّ فِيهِ، أَوْ قَرُبَ مِنْهُ، أَوْ جَاوَرَهُ، بِدَلِيلِ رُخَصِ السَّفَرِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْزِلَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ، فَلَا دَمَ، (فَلَوْ اسْتَوْطَنَ أُفُقِيٌّ) لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ (مَكَّةَ، أَوْ مَا قَارَبَهَا، فَحَاضِرٌ) لَا دَمَ عَلَيْهِ، لِدُخُولِهِ فِي الْعُمُومِ، (أَوْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِهِ بِمَكَّةَ)، أَوْ قُرْبَهَا، (وَالْبَعْضُ الْآخَرُ عَنْهَا)، أَيْ: مَكَّةَ، بِمَنْزِلِهِ (فَوْقَ مَسَافَةِ قَصْرٍ)، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. (وَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمَنْزِلِ الْأَبْعَدِ، أَوْ كَانَتْ إقَامَتُهُ أَوْ إقَامَةُ مَالِهِ بِهِ)، أَيْ: الْبَعِيدِ، (أَكْثَرَ)، لَمْ يَلْزَمْهُ دَمُ تَمَتُّعٍ، لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِهِ (مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ. (وَمَنْ دَخَلَهَا)، أَيْ: مَكَّةَ، مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا، (وَلَوْ نَاوِيًا لِإِقَامَةٍ) بِهَا، فَعَلَيْهِ دَمٌ، (أَوْ) كَانَ الدَّاخِلُ (مَكِّيًّا اسْتَوْطَنَ بَلَدًا بَعِيدًا) مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ عَنْ الْحَرَمِ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا (مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا، لَزِمَهُ دَمٌ)، وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا، لِأَنَّهُ حَالَ أَدَاءِ نُسُكِهِ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا. (وَشُرِطَ فِي) وُجُوبِ دَمِ (مُتَمَتِّعٍ وَحْدَهُ)، أَيْ: دُونَ الْقَارِنِ، زِيَادَةً عَمَّا تَقَدَّمَ (سِتَّةُ) شُرُوطٍ: (أَحَدُهَا: أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ)، وَالِاعْتِبَارُ بِالشَّهْرِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهَا فِيهِ، لَا بِاَلَّذِي حَلَّ مِنْهَا فِيهِ، (فَمَنْ أَحْرَمَ بِرَمَضَانَ، وَفَعَلَ الْعُمْرَةَ بِشَوَّالٍ، فَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ): لِأَنَّ الْإِحْرَامَ نُسُكٌ يُعْتَبَرُ لِلْعُمْرَةِ لَا مِنْ أَعْمَالِهَا، فَاعْتُبِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَالطَّوَافِ. (وَالثَّانِي أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ)، فَلَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامٍ آخَرَ، فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، لِلْآيَةِ، لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا، وَلِأَنَّهُمْ إذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، فَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَبَاعُدًا.
(وَ) الثَّالِثُ: (أَنْ لَا يُسَافِرَ بَيْنَهُمَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ (مَسَافَةَ قَصْرٍ، فَإِنْ سَافَرَ) بَيْنَهُمَا الْمَسَافَةَ (فَأَحْرَمَ بِحَجٍّ، فَلَا دَمَ) نَصًّا، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: إذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، فَإِنْ خَرَجَ وَرَجَعَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ مَا دُونَهُ، لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَقَدْ أَنْشَأَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَجِّهِ، فَلَمْ يَتَرَفَّهْ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ.
(وَ) الرَّابِعُ: (أَنْ يَحِلَّ مِنْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، (قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (وَأَلَّا) يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بِأَنْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (صَارَ قَارِنًا)، فَيَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ (بِشَرْطِهِ)، وَهُوَ أَنْ لَا يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ سَعْيِهَا، لِكَوْنِهِ سَاقَ الْهَدْيَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَفِي الْإِنْصَافِ يَصِيرُ قَارِنًا، وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَ) الْخَامِسُ: (أَنْ يُحْرِمَ بِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، (مِنْ مِيقَاتِ) بَلَدِهِ، (أَوْ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ مَكَّةَ)، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ دُونِهَا، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، (وَإِلَّا، بِأَنْ) جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ فِي حَالٍ يَجِبُ فِيهَا الْإِحْرَامُ، (لَزِمَهُ دَمٌ، لِمُجَاوَزَةِ مِيقَاتٍ) مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ بِلَا إحْرَامٍ، (وَكَلَامُ الْإِقْنَاعِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.
(وَ) السَّادِسُ: (أَنْ يَنْوِيَ التَّمَتُّعَ فِي ابْتِدَائِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، (أَوْ) فِي (أَثْنَائِهَا)، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَحُصُولِ التَّرَفُّهِ، هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، إذْ لَا يُقَالُ مُتَمَتِّعٌ لِمُحْرِمٍ قَبْلَ فَرَاغِهِ، إلَّا إذَا كَانَ عَازِمًا عَلَى ذَلِكَ، نَاوِيًا لَهُ، خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ، (فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْعُمْرَةِ فَقَطْ)، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْحَجِّ، وَلَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ دَمِ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ (وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ)، أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، (فَلَوْ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ)، فَعَلَيْهِ دَمٌ، (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ اعْتَمَرَ عَنْ غَيْرِهِ، وَحَجَّ لِنَفْسِهِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ اثْنَيْنِ) بِأَنْ اعْتَمَرَ عَنْ وَاحِدٍ وَحَجَّ عَنْ آخَرَ (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُمَا، (فَعَلَيْهِ دَمُ تَمَتُّعٍ) مِنْ مَالِهِ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْمِيقَاتِ، فَيُحْرِمُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ بِسَبَبِ مُخَالِفَتِهِ. (وَيَتَّجِهُ: وَإِلَّا) يُحْرِمُ مُتَمَتِّعًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، (فَعَلَيْهِمَا) الدَّمُ (نِصْفَيْنِ إنْ تَمَتَّعَ بِإِذْنِهِمَا)، لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَذِنَا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ، فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي عَلَى النَّائِبِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَيَتَّجِهُ أَيْضًا: (وَكَذَا صَوْمٌ) وَجَبَ عَلَى نَائِبٍ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّمَتُّعِ، فَعَلَى مُسْتَنِيبِهِ وَإِنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ؛ فَعَلَيْهِ. هَذَا إنْ كَانَ نَائِبًا عَنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنْ اثْنَيْنِ فَأَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا بِلَا إذْنِهِمَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ الْعَشَرَةَ أَيَّامٍ، (وَ) إنْ كَانَ بِإِذْنِهِمَا (احْتَمَلَ) أَنَّهُ (يَصُومُ نَائِبٌ الثَّلَاثَةَ، وَهُمَا)، أَيْ: الْآذِنَانِ (السَّبْعَةَ)، وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ، فَيَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، لِأَنَّ الْيَوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ فِي الصِّيَامِ، (أَوْ) احْتَمَلَ أَنْ يَصُومَا (الْعَشَرَةَ)، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لِوُجُوبِ ذَلِكَ بِسَبَبِهِمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا) تُعْتَبَرُ (هَذِهِ الشُّرُوطُ) جَمِيعُهَا (فِي كَوْنِهِ) يُسَمَّى (مُتَمَتِّعًا)، فَإِنَّ الْمُتْعَةَ تَصِحُّ مِنْ الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ، مَعَ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَى الْمَكِّيِّ، (وَيَلْزَمُ الدَّمُ)، أَيْ: دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، (بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ}، أَيْ: فَلْيُهْدِ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَفْعَالِهِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى إحْرَامِهِ، كَقَوْلِهِ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَيَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، (وَيَأْتِي وَقْتُ ذَبْحِهِ) فِي بَابِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ. (وَلَا يَسْقُطُ دَمُ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ بِفَسَادِ نُسُكِهِمَا)، لِأَنَّ مَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ وَجَبَ فِي الْفَاسِدِ، كَالطَّوَافِ وَغَيْرِهِ، (أَوْ)، أَيْ: وَلَا يَسْقُطُ دَمُهُمَا (بِفَوَاتِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، كَمَا لَوْ فَسَدَ، (وَإِذَا قَضَى الْقَارِنُ قَارِنًا، لَزِمَهُ دَمَانِ، دَمٌ لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ، وَدَمٌ ل) قِرَانٍ (ثَانٍ وَإِنْ قَضَى) الْقَارِنُ (مُفْرِدًا، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ)، لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ أَتَى بِنُسُكٍ أَفْضَلَ مِنْ نُسُكِهِ، (وَجَزْمُ جَمْعٍ) بِأَنَّهُ (يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ)، لِأَنَّ الْقَضَاءَ الْأَدَاءُ، وَهَذَا مَرْجُوحٌ، وَالْمَذْهَبُ: لَا دَمَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، (فَإِذَا فَرَغَ) مَنْ قَضَى مُفْرَدًا مِنْ الْحَجِّ، (أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَبْعَدِ مِيقَاتَيْهِ) اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِي أَحَدِهِمَا بِالْقِرَانِ، وَفِي الْآخَرِ بِالْحَجِّ، كَمَنْ فَسَدَ حَجُّهُ ثُمَّ قَضَاهُ، يُحْرِمُ مِنْ أَبْعَدِ الْمِيقَاتَيْنِ، (وَإِلَّا) يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَبْعَدِ الْمِيقَاتَيْنِ، (ف) يَلْزَمُهُ (دَمٌ)، لِتَرْكِهِ وَاجِبًا، (وَإِنْ قَضَى) الْقَارِنُ (مُتَمَتِّعًا، أَحْرَمَ بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (مِنْ الْأَبْعَدِ) مِنْ الْمِيقَاتَيْنِ (إذَا فَرَغَ مِنْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَبْعَدُ الْأَوَّلَ فَالْقَضَاءُ يَحْكِيهِ، لِأَنَّ الْحُرُمَاتِ قِصَاصٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِحُلُولٍ فِيهِ، لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَلِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى صِفَةٍ أَعْلَى وَلَا لِلْقَضَاءِ، لِأَنَّهُ لَا تَرَفُّهَ فِيهِ بِتَرْكِ السَّفَرِ، إذْ يَلْزَمُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعُمْرَةِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ أَبْعَدِ الْمِيقَاتَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ مِنْ أَحَدِهِمَا قَارِنًا، وَمِنْ آخَرَ بِالْعُمْرَةِ. (وَسُنَّ لِمُفْرَدٍ وَقَارِنٍ فَسْخُ نِيَّتِهِمَا بِحَجٍّ) نَصًّا، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ أَفْرَدُوا الْحَجَّ، وَقَرَنُوا أَنْ يَحِلُّوا كُلُّهُمْ، وَيَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ لِأَحْمَدَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْك حَسَنٌ جَمِيلٌ، إلَّا خَلَّةً وَاحِدَةً، فَقَالَ مَا هِيَ؟ قَالَ: تَقُولُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، قَالَ: كُنْت أَرَى أَنَّ لَك عَقْلًا، عِنْدِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا صِحَاحًا جِيَادًا، كُلُّهَا فِي فَسْخِ الْحَجِّ، أَتْرُكُهَا لِقَوْلِك؟ وَقَدْ رَوَى فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ: ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَعَائِشَةُ، وَأَحَادِيثُهُمْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمْ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ وعُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ ادَّعَى مُدَّعٍ وُجُوبَ الْفَسْخِ لَمْ يَبْعُدْ، مَعَ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ: وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا قَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، صَلَّى الصُّبْحَ بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا» وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} وَرُدَّ بِأَنَّ الْفَسْخَ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ لَا إبْطَالَهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا، قَالَهُ الْقَاضِي. (وَيَنْوِيَانِ)، أَيْ: الْمُفْرَدُ وَالْقَارِنُ (بِإِحْرَامِهِمَا ذَلِكَ) الَّذِي هُوَ إفْرَادٌ أَوْ قِرَانٌ، (عُمْرَةً مُفْرِدَةً)، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمَا قَدْ طَافَ وَسَعَى، قَصَّرَ وَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ وَسَعَى، فَإِنَّهُ يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيُقَصِّرُ وَيَحِلُّ، (فَإِذَا حَلَّا) مِنْ الْعُمْرَةِ (أَحْرَمَا بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (لِيَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْنِ)، وَيُتِمَّانِ أَفْعَالَ الْحَجِّ، (وَلَوْ طَافَا وَسَعَيَا، فَيُقَصِّرَانِ وَقَدْ حَلَّا، مَا لَمْ يَسُوقَا هَدْيًا)، فَإِنْ سَاقَاهُ لَمْ يَصِحَّ الْفَسْخُ لِلْخَبَرِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الْهَدْيُ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّحَلُّلِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَفِي الْعَشْرِ وَغَيْرِهِ، (أَوْ يَقِفَا بِعَرَفَةَ)، فَلَا يَفْسَخَانِ، فَإِنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا أَتَى بِمُعْظَمِ الْحَجِّ، وَأَمِنَ مِنْ فَوْتِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (فَلَوْ فَسَخَا فِي الْحَالَتَيْنِ)، أَيْ: فِيمَا إذَا سَاقَا هَدْيًا أَوْ وَقَفَا بِعَرَفَةَ، (فَلَغْوٌ) لِمَا سَبَقَ، وَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى نُسُكِهِمَا الَّذِي أَحْرَمَا بِهِ، (وَإِنْ سَاقَهُ)، أَيْ: الْهَدْيَ (مُتَمَتِّعٌ)، بِأَنْ أَتَى بِهِ مَعَهُ مِنْ الْحِلِّ، (لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ) مِنْ عُمْرَتِهِ، (فَيُحْرِمُ بِحَجٍّ إذَا طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ تَحْلِيلٍ بِحَلْقٍ)، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «تَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَقَالَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ» (فَإِذَا ذَبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، حَلَّ مِنْهُمَا)، أَيْ: مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (مَعًا) نَصًّا، لِأَنَّ التَّمَتُّعَ أَحَدُ نَوْعِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، كَالْقِرَانِ، وَلَا يَصِيرُ قَارِنًا لِاضْطِرَارِهِ لِإِدْخَالِ حَجٍّ عَلَى عُمْرَتِهِ. (وَيَتَّجِهُ: أَنَّهُ)، أَيْ: سَائِقُ الْهَدْيِ (فِي هَذِهِ) الْحَالَةِ (قَارِنٌ) لَا مُتَمَتِّعٌ، عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِنْصَافِ وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، بَلْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا، صَارَ قَارِنًا، وَمُقْتَضَى صَنِيعِ شَارِحِ الْمُنْتَهَى فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ يَأْبَى ذَلِكَ. (وَالْمُعْتَمِرُ غَيْرُ الْمُتَمَتِّعِ، يَحِلُّ بِكُلِّ حَالٍ) إذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ (فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرَ سِوَى عُمْرَتِهِ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهَا، بَعْضُهُنَّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، فَكَانَ يَحِلُّ». (وَالْمُتَمَتِّعَةُ إنْ حَاضَتْ) أَوْ نَفِسَتْ (قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، فَخَشِيَتْ) فَوَاتَ الْحَجِّ، (أَوْ) خَشِيَ (غَيْرُهَا فَوَاتَ الْحَجِّ، أَحْرَمَتْ بِهِ) وُجُوبًا، كَغَيْرِهَا مِمَّنْ خَشِيَ فَوْتَهُ، لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ، فَهَذَا طَرِيقُهُ، (وَصَارَتْ قَارِنَةً)، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «إنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً، فَحَاضَتْ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَهِلِّي بِالْحَجِّ» (وَلَمْ تَقْضِ طَوَافَ الْقُدُومِ)، لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ، كَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ، (وَيَجِبُ عَلَى قَارِنٍ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ زَمَنَهُ (قَبْلَ طَوَافٍ وَسَعْيٍ)، أَوْ بَعْدَهُ (دَمُ قِرَانٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قِيَاسًا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ، كَمَا تَقَدَّمَ، (وَتَسْقُطُ الْعُمْرَةُ) عَنْ الْقَارِنِ، فَتَنْدَرِجُ أَفْعَالُهَا فِي الْحَجِّ، (كَذَا) مُقْتَضَى صَنِيعِهِ (فِي الْمُنْتَهَى) أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَطَافَ وَسَعَى لَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا لَسَوْقِهِ الْهَدْيَ، فَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ، وَلَيْسَ بِقَارِنٍ، وَالْمُعْتَمَدُ: أَنَّهُ قَارِنٌ، وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.